في تعبير عن استيائه من الانتقادات التي طالت فترة حكمه، علق الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون على الهاشتاج الذي انتشر بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي “#مانيش_راضي” (أي “أنا غير راضٍ”)، والذي عبر من خلاله العديد من المواطنين الجزائريين عن عدم رضاهم عن الأوضاع السياسية والاقتصادية في البلاد. الرئيس تبون قال في تصريحاته: “إذا كانوا يعتقدون أنهم يستطيعون إلحاق الضرر بالجزائر عبر هاشتاج، فهم مخطئون. شعبنا يحمل دماء الشهداء التي تسري في عروقه”.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل يعكس رد الرئيس تبون هذه الثقة القوية في النظام، أم أن هذا التصريح يعكس خوفًا واهتزازًا داخليًا من قوة التأثير الشعبي؟ ففي الواقع، يلاحظ الكثيرون أن مجرد هاشتاج على وسائل التواصل الاجتماعي دفع رئيس الدولة إلى الرد، مما يعكس هشاشة النظام الذي يُفترض أنه قوي ومستقر.
من الواضح أن الرد الحاد من قبل أعلى مسؤول في الدولة جاء كرد فعل على قوة تأثير هذه الوسائل الرقمية الحديثة في تشكيل الرأي العام. في الماضي، كانت السلطات تستطيع تجاهل أصوات المعارضة أو حتى قمعها بالقوة، لكن في عصر التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي، أصبح من الصعب إخفاء غضب الشعب أو تجاهله. الهاشتاج “#مانيش_راضي” ليس مجرد تعبير عفوي، بل هو رمز لحركة احتجاجية تجسد حالة الاستياء والغضب الشعبي من الوضع السياسي والاقتصادي في الجزائر.
وقد تبع ذلك سلسلة من الاعتقالات، حيث تم توقيف حوالي 40 شخصًا في محاولة لوقف انتشار هذه الحملة. لكن السؤال الأهم يبقى: هل تمثل هذه الإجراءات القمعية ردًا قويًا على معارضة ضعيفة، أم أنها تعبير عن حالة قلق حقيقي في أوساط النظام الحاكم؟
الحديث عن “التأثير الخارجي” في تصريحات الرئيس تبون، حيث قال إن الهاشتاج قد يكون له تأثير ضار على الجزائر بسبب تدخل جهات خارجية، هو بمثابة محاولة لتحويل الأنظار عن القضايا الداخلية التي يعاني منها الشعب. في هذه التصريحات، يحاول النظام تبرير إخفاقاته بالإشارة إلى قوى خارجية، بينما يتجاهل الضعف الداخلي والفساد المستشري، وغياب الإصلاحات الحقيقية التي تلامس مشاكل الشعب الجزائري.
ما يعزز هذا الاستنتاج هو الطريقة التي يتم بها التعامل مع الاحتجاجات والمطالب الشعبية، حيث لا يُسمح للمواطنين بالتعبير عن آرائهم بحرية، ويتم استخدام القمع في مواجهة أي شكل من أشكال الاحتجاج السلمي، حتى لو كان عبر منصات الإنترنت. ومع تزايد الغضب الشعبي، يبدو أن النظام الجزائري يخشى من أن تزداد هذه الحركات الاحتجاجية قوة وتأثيرًا في المستقبل.
في النهاية، لا يمكن تجاهل أن الجزائر قد شهدت العديد من التحديات الداخلية والخارجية في السنوات الأخيرة. ورغم القوة الظاهرة التي يحاول النظام إظهارها، إلا أن هناك مؤشرات واضحة على ضعف حقيقي، حيث يكفي هاشتاج واحد ليجعل الرئيس يتحدث علنًا عن “التأثير الخارجي” ويشعر بالحاجة للرد عليه بشكل رسمي. في هذا السياق، من الواضح أن النظام الجزائري يواجه تحديات كبيرة في التعامل مع التحولات الاجتماعية والسياسية في العصر الرقمي، حيث لم يعد بإمكانه إخفاء أوجه القصور والضعف التي يعاني منها.