في تقرير نشرته وزارة الشؤون الخارجية المغربية مؤخراً، كشفت البيانات الرسمية أن أكثر من 5 ملايين مواطن مغربي يعيشون خارج الحدود الوطنية، ما يمثل نحو 15% من إجمالي سكان البلاد. ولكن إذا احتسبنا الأشخاص غير المسجلين في الخدمات القنصلية، فقد يصل هذا الرقم إلى حوالي 6 ملايين.
من بين هؤلاء المغاربة المقيمين في الخارج (MRE)، هناك العديد من الأبناء والبنات والأحفاد الذين يشعرون بالرغبة في العودة إلى جذورهم. وتعود الأسباب وراء هذا الأمل إلى عدة جوانب متعددة ومعقدة.
أولاً، يشير العديد من المغاربة المقيمين في الخارج إلى “الجو القلق” في النقاش العام في بلدان الإقامة، مثل فرنسا وبلجيكا وهولندا، حيث وُلد العديد منهم. ولا يتجاهلون الخطابات “العنصرية والإسلاموفوبية” التي تغذي هذه المناقشات، مما يدفع بعض المغاربة المقيمين في الخارج إلى البحث عن مأوى في أرض أجدادهم.
ثم هناك الدوافع الاقتصادية والمهنية التي تحفز المغاربة المقيمين في الخارج على العودة إلى الوطن. يأملون في “تيسير الصعود الاجتماعي” في المغرب، الذي يوفر العديد من الفرص الوظيفية والاستثمارية. لذلك تلعب هذه الجوانب الاقتصادية دورًا مهمًا في قرارهم بالعودة.
بالإضافة إلى ذلك، البعد الثقافي و “الانتماء” هما أيضًا عوامل رئيسية في رغبة المغاربة المقيمين في الخارج في العودة إلى بيئة أسرية أكثر وداية و مألوفة. يشعر العديد منهم بالجذور المنقطعة ويرغبون في استعادة تقاليد وعادات أجدادهم.
لا يمكن تجاهل الجانب الديني أيضًا. بالنسبة لبعض المغاربة المقيمين في الخارج، يُعَتَبر المغرب بلدًا حيث تنسجم ممارسة الإسلام أكثر مع معتقداتهم وقيمهم. وبالتالي، يتمنون استعادة حياة دينية أكثر ازدهارًا، متناغمة مع إيمانهم.
وأخيرًا، فإن الرغبة في “جودة حياة أفضل” تدفع العديد من المغاربة المقيمين في الخارج للنظر في العودة إلى الوطن. ولا شك أن الشمس الساطعة وجاذبية المغرب يتم ذكرها في كثير من الأحيان كميزات لا يمكن إنكارها لبناء حياة متناغمة.
ومع ذلك، فإن هذه العودة ليست بالأمر السهل. فالمغاربة المقيمين في الخارج يواجهون تحديات إعادة الاندماج الاجتماعي وسوق العمل والجوانب الإدارية. ومع ذلك، على الرغم من هذه العقبات، فإن الرغبة في العودة إلى الجذور تصبح أكثر وضوحًا في مجتمع MRE.
أدركت الحكومة المغربية هذا التوجه وبدأت في اتخاذ إجراءات لتسهيل عودة المغاربة المقيمين في الخارج. تم إطلاق مبادرات لتشجيع الاستثمار وخلق فرص عمل، ولتبسيط الإجراءات الإدارية المتعلقة بالعودة.
في الختام، فإن الأسباب التي تحفز المغاربة المقيمين في الخارج على النظر في العودة إلى جذورهم متعددة ومليئة بالأمل. تتداخل عوامل مثل الجو القلق، والطموحات الاقتصادية والمهنية، والانتماء الثقافي والديني، بالإضافة إلى رغبة الاستمتاع بجودة حياة أفضل. ويتبقى أن نرى كيف ستقوم المغرب كبلد مضياف بمواكبة هذا الديناميكية في العودة واستغلالها للحصول على أقصى فائدة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية للبلاد.