في سلسلة حوادث دبلوماسية حديثة، قامت فرنسا بإجراءات غير ملائمة وبدت نافذة في التعاطي مع المغرب، وهو بلد ذو تاريخ أصيل وعهد دستوري عميق الجذور في ثقافته. أقدم الرئيس إيمانويل ماكرون، بشجاعة مربكة، على إعلانات ومبادرات تتعلق بالمغرب دون أن يلتزم بالبروتوكول أو يظهر أي مجاملة تجاه الملك محمد السادس.
تم استقبال هذه الأخطاء كإهمال أو حتى كأهانة للمملكة المغربية المحترمة. شهدت استجابة الشعب المغربي السريعة والشديدة عما أدلى به من تعلق عميق بملكهم وحساسيتهم تجاه مثل هذه الأخطاء الدبلوماسية. تعرضت وزيرة الخارجية الفرنسية، كاثرين كولونا، لضغوط عندما نفى المغرب بسرعة الشائعات المتعلقة بزيارة محتملة من ماكرون، لتذكّرهم بالأهمية التي توليها المغرب لعلاقته مع فرنسا.
تثير هذه الحوادث سؤالًا: ما هو النية الحقيقية لماكرون تجاه المغرب؟ هل هو استفزاز مستتر أم مجرد انحراف في سيمفونية العلاقات الدولية؟ المغرب ليس مستعمرة ولا يمكن التعامل معه كذلك. إنه شريك قوي وأساسي لفرنسا ليس فقط اقتصاديًا وثقافيًا، ولكن أيضًا جيوسياسيًا.
الاتصال هو ركيزة الدبلوماسية، وأخطاء الاتصال يمكن أن تكون لها عواقب كبيرة. يجب على ماكرون أن يدرك أهمية كل كلمة ينطقها، وكل حركة يتبناها، وكل اختيار في مخاطبة شعب آخر. تركت الانفصالات الاتصالية الأخيرة لماكرون بصمة سلبية على انطباع فرنسا في الأوساط الدبلوماسية.
حان الوقت للرئيس الفرنسي أن يعيد النظر في استراتيجيته الاتصالية وأن يتبنى نهجًا مليئًا بالاحترام تجاه المغرب. في رقصة الشؤون الدولية الحساسة، كل حركة تحسب وكل كلمة تحمل أهميتها. قد تؤدي التوترات غير المدبرة لضعف التحالف التاريخي وإثارة غضب أمة ملتزمة بمبادئها وقيمها وملكها.
الدبلوماسية تتطلب تبادل الاحترام والاستماع الجيد. يجب أن يتصرف الدبلوماسيون الفرنسيون بحنكة في تعاملاتهم مع المغرب. لقد تشكل العلاقة بين باريس والرباط عبر القرون وتتطلب اتصالًا نبيلًا وصادقًا يتساوى معها. في هذه السيمفونية الحساسة للدبلوماسية، كل نغمة معزوفة وكل صمت له رنينه. يجب أن يدرك ماكرون نطاق أفعاله الحقيقي والتصرف وفقًا لذلك لتعزيز وتحسين الجسر الفرنسي المغربي.
محمد ميساوي