تقع مدينة الداخلة، هذه الجوهرة الساحرة على ضفاف الأطلسي في جنوب المملكة المغربية الشريفة، حيث تتميز بجاذبيتها الفريدة و بجمالها الطبيعي. ساحلها المتميز وثقافتها الغنية، جعلاها واحدة من أبرز الوجهات السياحية في العالم, لكن ومع ذلك، يبدو أن التطور السريع الذي تشهده المدينة في الجانب العقاري و السياحي و أنشاء الفنادق و المنتجعات على طول الساحل الاطلسي و الخليج بشكل خاص يمكن أن يشكل تهديدًا لسكانها المحليين. أن النقص الواضح في المساحات الخضراء والوصول المحدود إلى البحر و الخليج هما من القضايا الرئيسية التي يجب معالجتها.
إن تطور البنية التحتية السياحية وظهور العقارات الفاخرة أدى إلى تحويل الساحل تدريجيا إلى مناطق خاصة، مما حد من إمكانية وصول السكان المحليين إلى الساحل الاطلسي و الخليج. هذه القضية، إلى جانب غياب المساحات الخضراء، تؤثر سلبا على جودة الحياة في الداخلة، خاصة بالنسبة للأشخاص الذين يقضون إجازاتهم في مدينتهم الأم ويبحثون عن أماكن للاسترخاء والترفيه.
مع ذلك، فإن الأمثلة الناجحة مثل مدينة العيون، التي تمكنت من تحقيق التوازن بين التطور السريع والحفاظ على جودة الحياة، يمكن أن تقدم بعض الإلهام, حيـت أصبحت هذه المدينة واحدة من أجمل المدن في ا لمملكة بفضل التخطيط الحضري المتقن. و من هنا ندعو المسؤولين و صانعي القرار في الداخلة أن يتبعوا هذا المنحى، بالتركيز على إنشاء المساحات الخضراء والحفاظ على إمكانية وصول السكان المحليين إلى البحر.
إن المساحات الخضراء في المدن ليست مجرد مساحات جمالية، بل هي ضرورية لصحة الناس والمجتمعات. فهي تقدم فوائد بيئية مثل تحسين جودة الهواء وتقليل التلوث وتشجيع التنوع البيولوجي. ومن الناحية الاجتماعية، فإن المساحات الخضراء تعزز التماسك الاجتماعي وتوفر مكانًا للأنشطة الترفيهية والاسترخاء و هي فرصة للسكان للتجمع والتفاعل مع بعضهم البعض، وتعزيز الانتماء إلى المدينة.
وبخصوص الوصول إلى البحر ، يجب الحفاظ على المناطق المحمية على طول الساحل، هذا يعني أنه يجب الحفاظ على الشواطئ كممتلكات عامة يمكن لجميع السكان المحليين والزوار استخدامها. وهذا سيضمن الإستدامة والحفاظ على المحيط الأطلسي والخليج، اللذان يعتبران جزءا لا يتجزأ من التراث الطبيعي للداخلة.
لذا، في ظل التطور السريع الذي تشهده الداخلة، يصبح الحفاظ على البيئة وتحسين جودة الحياة للسكان المحليين أمرًا بالغ الأهمية. من الضروري التركيز على إنشاء المزيد من المساحات الخضراء وضمان الوصول العام إلى البحر. فالتطور العمراني يحتاج إلى أن يراعي الجوانب الاجتماعية والبيئية، وليس فقط الاقتصادية.